كيف نعرف الاحياء الشعبية المهمشة؟ هل بالجغرافيا وحدها يفسر فعل التهميش ام ان توصيف المعزول والمهمش تحدده معايير اخرى؟ بأي حال يعيش الاهالي في الاحياء التي تصنف شعبية مهمشة ؟ ما السبيل لمواجهة الخصاصة في البنيات والموارد البشرية وفرص العمل ضمانا لتمتع آلاف المواطنين بكافة الحقوق الأساسية؟ ثم كيف تقطع هذه الاحياء المهمشة مع منطق الارتهان للمساعدات لصالح مقاربة منتجة للثروة وفق تصور تشاركي محلي ؟
تتحدد خارطة الاحياء الشعبية بمدينة القيروان انطلاقا من مدخلها : حي الملاجىء سحنون ثم اولاد مناع ثم المنشية فزيتون الحمامي فالمنطقة الخضراء فالوسطية فصبرة المنصورية فالبورجي فذراع الكروية وحي علي باي الذي يوجد داخل المدينة فيما هناك بروز لاحياء شعبية جديدة آخذة في التوسع لاسيما على اطراف الطريق الحزامية.
كثرة الاحياء الشعبية بالمدينة جعلنا نحدد عينة تحقيقنا الميداني الذي كان على مرحلتين أثناء النهار وبالليل ؛ اين تعرفنا عن قرب عما يشغل المواطن في هذه الاحياء .كيف يعيشون ومن اين يقتات ونغرفة نوم. لا بل غرفة للطهي. مهلا بل مرحاض. استسمح القارئ فالذهن مشوّش!! خرابة فيها ينامون وفيها يطهون وفيها تتعرّى الأمّ والاب والابناء لتتعرّى معهم الحقائق ! الأب والام والابناء الخمسة يتقاسمون غرفة واحدة بالليل والنهار. .كانت استقبلتنا داخل غرفة اقامتها الوحيدة. سنوات وهي تواجه العناء تتردد على المسؤولين على امل ان يستمع اليها مسؤول اويزور مسكنها دون جدوى. تقف بشرودها مبتسمة ابتسامة البسطاء كاتمة دموعها لتفصح عن أسرار الفقر وغرائبه. هناك في حي البورجي في حومة «أولاد نهار», تعيش علجية الربعي(40 سنة) التي لم يؤلمها سوى : الفقر المدقع وتجاهل السلط بالجهة. نستأذنها بان تنفّس عن جراحها فيتفتت حاجز الصمت امام المناسبة الاولى التي اتيح لها فيها الكلام ولم تخذلها الكلمات: «كما ترون حالنا يغنيني عن كل تعبير مشيرة الى خرابة سكناها ؛ هنا ننام خمستنا. لا نعرف شاشة التلفاز الا عند الجيران وان حصلنا عشاء ليلة نكونوا محظوظين. زوجي عامل يومي يشتغل يوما ويلازم البيت عشرا «نعيش ببركة ربي. مواصلة «ظروفي القاسية دفعت بابنتي الكبرى الى الانقطاع المبكر عن الدراسة وخوفي من الدور على بقية اخوتها .»وتضيف لم نر من الحقوق سوى الكلام العابر» متسائلة عن أحقيتها في تحسين مسكنها رغم ما تلقته من وعود من المسؤولين منذ ما لا يقل عن الثلاث سنوات
وبماذا يطالبون؟