ظلال كثيفة تحيط بجريمة مقتل الصيدلي من أصول سورية محمد ج. (48 عاماً)، والتي وقعت مساء الثلاثاء الفارط في مدينة هامبورغ. الحدث الذي يلفه الغموض أثار الكثير من التساؤلات حول شخصية الراحل وطبيعة إسهاماته في مساعدة مصابي الثورة السورية
لكن يبقى السؤال الأبرز: هل تم اغتيال الرجل من جانب النظام السوري أم أن مقتله جاء نتيجة خلافات شخصية؟ هذا ما تعكف الشرطة الألمانية على بحثه حالياً، والتي رفضت الإفصاح عن أي معلومات لديها حتى الآن نظراً لطبيعة الجريمة البشعة. فالصيدلي الراحل قتل بأكثر من 20 طعنة كان أكثرها ضربات بفأس في الرأس، ليعثر عليه المارة وهو يخرج زاحفاً من مبنى يمتلكه غارقاً في دمائه وقد بترت عدة أصابع من يديه ولا يستطيع الكلام، ليلفظ أنفاسه الأخيرة فور وصوله المستشفى.
شقيقه الأكبر: مت يوم أن مات أخي
يؤكد شقيق الصيدلي الراحل محمد ب. ج. – وهو شقيقه الأكبر – أن أخاه كان شخصاً مجتهداً للغاية ورجل أعمال مرموق: « جاء إلى ألمانيا عام 1989 وتعب كثيراً واجتهد وتعلم حتى بنى نفسه بنفسه وأنشأ شركة كبيرة ولديه عدة عقارات كان يقوم بتأجيرها
صيدلاني سوري بضربات فأس في هامبورغ
ويضيف الشقيق في مقابلة مع دو عربية أن أخاه الأصغر « كان شخصاً محبوباً للغاية وكل من في مسجد مدينة هامبورغ يعرفه لأعماله الخيرية ومساعداته للاجئين ومصابي الحرب. كان كثيراً ما يقوم بصرف الأدوية من صيدليته دون مقابل لمن يعرف أنهم في ضائقة مالية ». وتابع بحزن شديد: « لقد متّ فعلياً في اليوم الذي مات فيه أخي الأصغر محمد.. لدي جرح هائل في قلبي.. عائلته منهارة وحالتهم تعيسة للغاية .. أولادي كانوا يعشقونه وكان يوم حضوره للمنزل يوم عيد
وأضاف شقيق المجني عليه أن الجهات الألمانية الرسمية كانت تستقبل المصابين القادمين وتعالجهم في المستشفيات، بينما كان شقيقه يتكفل بإقامتهم، وتمكن من الحصول على دعم من جهات رسمية في ألمانيا للمساعدة في منح المصابين أطرافاً تعويضية، وسافر كثيراً للحدود السورية وزار عدداً من مخيمات اللاجئين وقدم المساعدات الطبية والغذاء، مشيراً إلى أنه كثيراً ما تلقى مكالمات هاتفية من سوريين وألمان يشكرونه على ما قدمه لهم الراحل من مساعدات ودعم
من جانبها، أكدت الناشطة السورية ميسون بيرقدار، المقيمة في برلين، أنها سافرت أكثر من مرة مع محمد ج. إلى تركيا وفيينا: « حضرنا عدة مؤتمرات في ألمانيا وقدم الكثير من ماله الخاص لمساعدة السوريين في أوروبا، إلى جانب علاقاته الهامة مع الألمان والتي استطاع من خلالها أيضاً تأمين المساعدة للكثير من اللاجئين من مصابي الحرب ». وأشارت بيرقدار إلى أن المكان الذي قتل فيه كان قد خصصه لإقامة السوريين المصابين ممن لا يجدون مكاناً للمبيت وليست لديهم القدرة المادية للإنفاق على السكن، بالإضافة إلى تأمينه العلاج لهم ومنحهم أطرافاً صناعية وكل ذلك دون مقابل
هذا ويذكر الناشط زياد الحلبي، عضو تنسيقية هامبورغ للثورة السورية، أن خبر مقتل محمد ج.أصاب أعضاء « اتحاد السوريين في المهجر » بصدمة شديدة، خاصة وأن الراحل كان قد تولى في وقت من الأوقات رئاسة الاتحاد، وإسهاماته في دعم الثورة السورية ومصابيها كانت كبيرة، مؤكداً على أن الراحل « كان شخصاً طيباً للغاية ومتواضعاً ومبتسماً دائماً
شكوك حول دوافع الجريمة
وفيما ما تزال تحقيقات الأجهزة الأمنية في ألمانيا جارية، تناقلت عدة مواقع إخبارية ألمانية عدداً من التفسيرات لمقتل محمد ج.، أحد أقواها هو أن الجريمة قام بها أحد المشردين. غير أن كل من تحدثت معهم عربية أكدوا شكوكهم في تورط أشخاص تابعين للنظام السوري في مقتل الصيدلي الألماني السوري. كما ألمحوا جميعاً إلى خلاف وقع مع أحد مستأجري المحال التي يملكها الراحل، والذي تربطه علاقة قوية بالنظام السوري، كما كرر ذلك أكثر من مغرد على « تويتر
كما أن شقيق الصيدلي الراحل أكد أن أخاه الأصغر لم تكن له أي عداوات أو شركاء ليختلف معهم، فيما أوضحت الناشطة السورية ميسون بيرقدار أن الكثير من صفحات « فيسبوك » وحسابات مجهولة على « تويتر » تروج لقصة مفادها أن مقتل محمد ج. جاء نتيجة خلافات مالية « وهذا أمر غير حقيقي. لكن المؤكد في هذا الأمر أن الدكتور محمد ج. كان قد حرك دعوى قضائية ضد أحد الأشخاص وكانت تتداول في المحكمة ولا نعلم كثيراً عن خلفيات هذا الأمر سوى أن مقتله تزامن مغ يوم صدور الحكم في تلك القضية
وأكدت الناشطة السورية أن نشطاء الثورة السورية في ألمانيا يعيشون « أسوأ لحظات الخوف والقلق على حياتنا بعد هذا الحادث