عرفت المجتمعات عبر التاريخ عديد الأوبئة من الأنفلونزا الإسبانية والطاعون إلى الكوليرا وصولًا إلى فيروس كورونا المستجد، أوبئة خاضها الانسان كما خاض الحروب انتهى اثرها بخسائر لم تكن بالهينة ..
منذ إعلان منظمة الصحة العالمية فيروس كورونا كوباء في مارس 2020 سارعت الحكومة إلى إتخاذ اجراءت لمنع الفيروس من الإنتشار و كان الإجراء الإبرز فرض حجر صحي شامل كما كان الحال في فترة الإنفلونزا الإسبانية حين خصص الباي وأعيان البلاد القصور والبساتين لعمليات الحجر و إجبار كل السفن المشكوك في وجود إصابات بالوباء بها إلى التنقل لميناء حلق الواد ومنع إرسائها بالموانئ الأخرى .
و رغم الكم الهائل من التوصيات المحلية و العالمية شهدت تونس حالات من الإستهتار الممزوج بالاستظراف و عدم التقييد بإجراءات حفظ الصحة ما جعل تونس تشهد موجة ثانية عنيفة من إنتشار الفيروس و لكن ما الذي يجعل فئة من المجتمع ترفض التقييد بالإجراءات و تصر على تعريض أنفسها و أقربائها للخطر ؟
يرى عالم الإجتماع ألفريد شوتز أن فترة الأوبئة تتسم بالسلوكيات اللاعقلانية نتيجة تصاعد الخوف والقلق الذي يصيب المجتمع والذي بدوره ينشأ بيئة خصبة لبروز نظرية المؤامرة بين الدول رغبة منه إلى عقلنة الأمور و تجنب المجهول ما يجعل البعض يصر على رفض الإنصياع لهكذا مؤامرات حسب تحليله .
الرفض كتحدي و طريقة في إثبات الذات !
رغم أن المنطق والوعي يحتم على الفرد التقييد بكل ما من شأنه أن يحافظ على سلامة المجموعة إلا أن البعض يرى في تجاهل الإجراءت الصحية كطريقة في إثبات الذات و جلب الإنتباه و إبراز القوة خاصة في فئة الشباب متجاهلا كل التوصيات و التراتيب المقرة . و هنا تبرز أهمیة اتصال الأزمة منذ اللحظة الأولى لوقوع الأزمة ،إذ يجب أن تعطي هياكل الدولة اهتماما كبیرا وأولویة قصوى للتأكد من أنها قادرة على لعب دور واضح وفاعل في إیصال أخبار الأزمة إلى الفئات المستهدفة