رفض هيئة الانتخابات تنفيذ قرارات المحكمة الإدارية بإرجاع ثلاثة مرشحين للسباق الرئاسي المزمع تنظيمه في 6 أكتوبر 2024، يمثل سابقة قضائية وسياسية تنذر بمخاطر كبيرة على نزاهة العملية الانتخابية في تونس. وقد بررت الهيئة هذا الرفض بعدم تلقيها نسخ الأحكام القضائية في الوقت المحدد، مؤكدة في الوقت ذاته على « ولايتها العامة » على الانتخابات، وهو ما يعكس، ضمنيًا، تجاوز الرقابة القضائية. غير أن المحكمة الإدارية، بالتعاون مع عدد من أساتذة القانون الدستوري والإداري، شددت على ضرورة التزام الهيئة بتنفيذ قرارات القضاء انسجامًا مع الدستور والقانون الانتخابي. وفي هذا السياق، أكدت جمعية القضاة التونسيين أن عدم تنفيذ هذه الأحكام يعد قرارًا خطيرًا يهدد جوهر دولة القانون. وأوضحت الجمعية أن « أحكام الفصل 47 من القانون الأساسي المتعلق بالانتخابات والاستفتاء تنص على أن الجلسة العامة للمحكمة الإدارية يجب أن تبت في القضايا خلال خمسة أيام من تاريخ المرافعة، مع الإذن بالتنفيذ الفوري على المسودة، وأن قرارات المحكمة باتّة وغير قابلة للطعن ».
كما أكدت الجمعية أن النزاع الانتخابي يتميز بالاستعجال والخصوصية نظرًا لارتباطه بالرزنامة الانتخابية، ما يستوجب تنفيذ الأحكام بشكل فوري. وأضافت أن الإعلام بالحكم، الذي يقتصر على منطوقه، يمثل إعلامًا قانونيًا، وبالتالي لا يجوز الطعن في تلك الأحكام أو تأويلها. وتكمن أهمية تنفيذ الأحكام فورًا في ضمان حقوق الأفراد في المشاركة السياسية دون التأخير أو التعقيدات القانونية. إن رفض الهيئة تنفيذ الأحكام القضائية قد يؤدي إلى أزمة شرعية انتخابية في المستقبل. فعدم إعادة إدراج المرشحين في السباق الرئاسي يضع نتائج الانتخابات تحت طائلة الشك، وفقًا للمبدأ القائل: « ما بني على باطل فهو باطل ».
هذا الموقف يثير تساؤلات بشأن نزاهة الانتخابات المقبلة ويزيد من القلق حول إمكانيات حدوث خلل في العملية الانتخابية. إن تنفيذ الأحكام القضائية يعد من العناصر الأساسية في أي نظام ديمقراطي، ويشكل ركيزة حاسمة في النزاعات الانتخابية، خاصةً في ما يتعلق بحقوق أساسية مثل الحق في الترشح والمشاركة في الحياة السياسية.
وعليه، فإن تجاهل هذا المبدأ يشكل تجاوزًا لمقتضيات دولة القانون، ويزيد من المخاوف بشأن نزاهة الانتخابات. وقد نص دستور 2014 بوضوح على أن الامتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية يعد فعلًا غير قانوني، وهو ما يعزز التساؤلات حول تصرفات الهيئة. كما أن عدم تنفيذ الأحكام قد يصل إلى حد الجريمة القانونية وفقًا للفصل 315 من المجلة الجزائية، وهو ما يعرض الهيئة للمسؤولية القانونية. إن استمرار رفض الهيئة تنفيذ قرارات المحكمة يشكل تحديًا كبيرًا لدولة القانون ويضر بشرعية الهيئة الانتخابية. فالأزمة التي قد تترتب عن هذا الرفض تهدد نزاهة الانتخابات وقد تؤدي إلى تداعيات قانونية خطيرة في المستقبل، بما في ذلك الطعون على النتائج الانتخابية. وبالتالي، فإن تصاعد هذه الأزمة قد يقوض ثقة المواطنين في العملية الانتخابية برمتها، ويزيد من احتمالية المراجعة القضائية للنتائج. في النهاية، يشكل رفض تنفيذ قرارات المحكمة الإدارية تهديدًا لاستقرار العملية الانتخابية في تونس، وقد يفتح الباب أمام مراجعات قانونية قد تصل إلى إبطال نتائج الانتخابات بالكامل. وفي ضوء ذلك، يتعين على الهيئة الانتخابية أن تلتزم بتطبيق أحكام القضاء لضمان نزاهة الانتخابات والحفاظ على سيادة القانون.